تنويه: لعل غداً آخر رمضان ولعله اليوم، وعلى كل حال فقد خدعني تقديري، وغلبني موضوعي، وأبت بناتي إلا أن يكاثرن أبناء رمضان فزدن على الثلاثين، ولذلك سنستكملهن بعد رمضان إن شاء الله تعالى، ولكن، لن نتعدى على أجوائه الجميلة وطبيعته الأخاذة التي تحلو فيهما اليوميات. وتقبل الله طاعات الجميع.…اقرأ المزيد
أما عن الانتقال إلى أرض الموقف أو الأرض التي سيحشر الناس فيها انتظاراً للحساب ما يتعلق به كالصحف والموازين والتخاصم والتقاضي، فإنه لم يرد في الأدلة ما يبين كيفية الانتقال بشكل تفصيلي، ولكن ورد ما يفهم منه أن الناس يكونون في ظلمة وأن ثمة جسراً يكون الناس عليه وورد أنهم يكونون دونه، وورد أنها تكون زجرة واحدة لكل الخلق ينتقلون على إثرها:…اقرأ المزيد
قلنا أن الحشر سيكون على أرض جديدة، وإليها ينتقل الخلق من الدنيا وأرض الدنيا إلى الآخرة وأرض الآخرة. فما هي هذه الأرض وكيف تتم عميلة الانتقال؟
قال تعالى: (وَمَا قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِهِ وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الزمر: 67] وقال عز وجل: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ لله الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) [إبراهيم: 48]
ما نعلمه عن هذه الأرض أنها أرض مبسوطة بيضاء كأنها الفضة، ولم يرتكب فيها إثم قط، مما يفهم منه أنه لم يسكنها أحد من الخلق من قبل.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟) [البخاري]
وعن سهل بن سعد قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقِي، قال سهل -أو غيره- ليس فيها معلم لأحد) [البخاري] وفي رواية مسلم وغيره (ليس فيها علم لأحد) وعفراء: بيضاء، وقال القاضي عياض: العفر بياض يضرب إلى حمرة قليلاً وسمي عفر الأرض وهو وجهها، وقال ابن فارس: عفراء خالصة البياض، قرصة النقي: قرص الخبز من الدقيق النقي الخالي من الغش والنخالة ، مستوية ليس فيها أي معالم يهتدى بها، قال القاضي: (أي علامة سكنى أو بناء أو أثر) وقال ابن حجر: (ولا شيء من العلامات التي يهتدى بها في الطرقات كالجبل والصخرة البارزة، وفيه تعريض بأرض الدنيا وأنها ذهبت وانقطعت العلاقة منها) [إكمال المعلم ومشارق الأنوار للقاضي عياض، وفتح الباري لابن حجر]
وعن ابن مسعود موقوفاً فِي قَوْلِ اللهِ تعالى: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قَالَ: أَرْضٌ بَيْضَاءُ كَأَنَّهَا فِضَّةٌ، لَمْ يُسْفَكْ فِيهَا دَمٌ حَرَامٌ، وَلَمْ يُعْمَلْ فِيهَا خَطِيئَةٌ) [الطبراني في الأوسط] وهذا التبديل تبديل ذات لا صفات كما قال المفسرون.
قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: (وَالتَّبْدِيلُ: التَّغْيِيرُ فِي شَيْءٍ إِمَّا بِتَغْيِيرِ صِفَاتِهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) وَقَوْلِكَ: بَدَّلْتُ الْحَلْقَةَ خَاتَمًا؛ وَإِمَّا بِتَغْيِيرِ ذَاتِهِ وَإِزَالَتِهَا بِذَاتٍ أُخْرَى، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) وَقَوْلِهِ: (وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ) وَتَبْدِيلُ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: إِمَّا بِتَغْيِيرِ الأوْصَافِ الَّتِي كَانَتْ لَهَا وَإِبْطَالِ النُّظُمِ الْمَعْرُوفَةِ فِيهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَإِمَّا بِإِزَالَتِهَا وَوِجْدَانِ أَرْضٍ وَسَمَاوَاتٍ أُخْرَى فِي الْعَالَمِ الأخْرَوِيِّ. وَحَاصِلُ الْمَعْنَى اسْتِبْدَالُ الْعَالَمِ الْمَعْهُودِ بِعَالَمٍ جَدِيدٍ)
وعن الرأي الذي يقول بأنها نفس الأرض ولكن تغيرت صفاتها يقول ابن حجر في الفتح [بتصرف] : (وأما من ذهب إلى أن التغيير إنما يقع في صفات الأرض دون ذاتها فمستنده ما أخرجه الحاكم عن عبد الله بن عمرو قال: إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم وحشر الخلائق. وهذا وإن كان ظاهره يخالف القول الأول فيمكن الجمع بأن ذلك كله يقع لأرض الدنيا لكن أرض الموقف غيرها)
وقد ورد في القرآن الكريم أن هذه الأرض التي نحن عليها ستتغير فتزلزل وتدك وتمد وتنسف جبالها فتصبح هباء، وتفيض بحارها وتصبح نيراناً وغير ذلك، قال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا 105 فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا 106 لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا) [طه: 105-107 أي لا انخفاض فيها ولا ارتفاع والأمت النباك وهي التلال الصغار]
عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ هَذِهِ الآيَاتِ يَوْمًا عَلَى الْمِنْبَرِ: (وَمَا قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِهِ وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الزمر: 67] وَرَسُولُ اللهِ يَقُولُ هَكَذَا بيده يُحَرِّكُهَا، يُمَجِّدُ الرَّبَّ جَلَّ وَعَلا نَفْسَهُ: أَنَا الْجَبَّارُ، أَنَا الْمُتَكَبِّرُ، أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الْعَزِيزُ، أَنَا الْكَرِيمُ، فَرَجَفَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرُ حَتَّى قُلْنَا لَيَخِرَّنَّ بِهِ) [أحمد وابن حبان وابن خزيمة وليخرن به أي من شدة حركة الرسول عليه الصلاة والسلام على المنبر]
فالأرض ستتغير، والحشر سيكون عليها بعد البعث، ولكنه ليس الحشر أو الوقوف الذي يقف الناس فيه للحساب لأن الأخير يكون على أرض جديدة، وهي الأرض التي ذكرنا صفاتها في أول الكلمة.
هذا عن الأرض الجديدة التي سيكون فيها الموقف للحساب ثم الجزاء.
أما عن كيفية الانتقال إلى هذه الأرض فهذا ما سنتحدث عنه إن شاء الله تعالى في الكلمة القادمة.
والله تعالى أعلى وأعلم وهو الهادي إلى سواء السبيل
ورد في بعض الأدلة أن أرض المحشر هي الشام، وأن الناس يحشرون فيها، فقد جاء في الحديث الذي رواه أحمد والنسائي والحاكم: (تُحْشَرُونَ هَاهُنَا وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى نَحْوِ الشَّامِ مُشَاةً وَرُكْبَانًا . . الحديث) وورد كذلك أن ثمة ناراً تحشر الناس إلى الشام، وهنا لزم التفريق.…اقرأ المزيد
هذه الخلائق التي تكلمنا عنها في الكلمة السابقة، تذهب إلى المحشر وهو المكان الذي تحشر فيه استعداداً وانتظاراً للحساب ثم الجزاء.…اقرأ المزيد
منذ بدء الخليقة إلى قيام الساعة!…اقرأ المزيد
ما هو الحشر؟
ما زلنا في أحوال الناس في البعث، وسنتحدث اليوم عن بعض الحالات السيئة لبعض من يبعثون من قبورهم.…اقرأ المزيد
لا يملك واحد منا أن يختار موعد موته، ولا مكانه، ولكنه يملك أن يختار الحالة التي يموت عليها، فيموت على طاعة الله تعالى، ولا يراه الله في معصية. أو يموت غارقاً في المعاصي.…اقرأ المزيد
البعث والخروج، كلمتان متشابهتان جداً، وتكاد تكون معانيهما واحدة. وبعد البعث يكون الخروج، هذا هو موضوعنا اليوم.…اقرأ المزيد